الكشف عن تهريب مليارات من العملة الصعبة عبر مطار عدن وبأوامر محافظ البنك المركزي
كشف الاتحاد الجنوبي للنزاهة والشفافية ومكافحة الفساد عن فساد ضخم تمثل في خروج مليارات بالعملة الصعبة...
يعيش اليمن خلال الفترة الأخيرة على وقع تغيير مفاجئ في برنامج الإصلاحات الاقتصادية والمالية والمصرفية الذي تتبنى الحكومة اليمنية تنفيذه منذ مطلع العام، بما يمكنها من استعادة الدعم الخارجي، لا سيما من السعودية والإمارات والمؤسسات المانحة، إضافة إلى تكوين احتياطي نقدي من الدولار لمواجهة الانهيار المتواصل للعملة المحلية وتغطية احتياجات الاستيراد المتعثر.
وأفادت مصادر مطلعة في تصريح "العربي الجديد"، بأنه كان هناك مقترح لتولي صندوق النقد الدولي عملية الإشراف على تنفيذ برامج الإصلاحات بما يؤدي إلى تطوير قدرات اليمن في استيعاب المنح والتمويلات الخارجية، لكن وفقاً لوجهات نظر أخرى، تمت إحالة هذا الموضوع إلى صندوق النقد العربي بعد موافقة الحكومة على البرنامج الاقتصادي الجديد.
لكن مهمة متابعة الإصلاحات الاقتصادية من جانب المؤسسات المالية الدولية ليست باليسيرة، وفق خبراء اقتصاد، إذ يواجه الخبراء الدوليون المعنيون بالملف اليمني صعوبة بالغة في تقديم تحديث سنوي عن اقتصاد البلد الذي مزقته الحرب لعدم توفر التقارير والبيانات المطلوبة، كما أن البنك المركزي اليمني لم يشارك المؤسسات المالية والنقدية الدولية أي معلومات أو بيانات مثل سعر الصرف والحسابات المالية أو القيام بنشرها على موقع البنك المركزي لإيجاد نوع من الثقة في الاقتصاد اليمني.
يقول الخبير الاقتصادي رأفت الأكحلي، وهو وزير سابق في الحكومة اليمنية، لـ"العربي الجديد"، إنه بالنظر إلى تجربة صندوق النقد العربي المحدودة في مثل هذه المسائل فإن الموضوع سيستغرق وقتاً قد يصل لأشهر حتى يجري الوصول إلى صيغة أو خطة واضحة لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية.
وتأتي إحالة ملف مراقبة الإصلاحات إلى صندوق النقد العربي في سياق تطورات تتعلق بموقف المانحين لا سيما السعودية، وفق الأكحلي، مشيرا إلى أن الأمر لا يتعلق فقط باليمن بالنسبة للرياض، التي تكرر منذ عامين أو ثلاثة أعوام في أوساط الجهات المانحة والمنظمات الدولية ومختلف الأطراف أنها ترفض أن "يستمر النظر إليهم كصراف آلي، لذا هناك توجه عام في السعودية لتغيير سياسات الصرف والدعم الذي تقدمه المملكة وهو ما يؤثر على اليمن وعلى دول أخرى".
وأضاف الأكحلي: "وفقاً لهذا التوجه، فإن أي مبالغ يقدموها سواء كانت دعما أو منحا أو مساعدات أصبحت مرتبطة بمعايير تتعلق بطرق الاستيعاب والصرف وتطبيق بعض جوانب المساءلة للتأكد من كيفية صرف ما يجري تقديمه من منح".
لكن الخبير الاقتصادي اليمنى يرى أنه لا بد من تقديم تسهيلات من جانب المانحين "لأن الوضع في اليمن طارئ والبلد يواجه تحديات جسيمة على كافة المستويات وهناك نظام سياسي جديد منبثق عن مؤتمر الرياض يعمل بدعمهم ومساندتهم، لذا فإن الضرورة تقتضي التجاوز عن بعض التعقيدات والإجراءات التي تتطلب وقتا أطول في ما يخص برامج الإصلاحات الاقتصادية".
في المقابل، يقر الأكحلي بأن الحكومة اليمنية تأخرت كثيراً في الإصلاحات الاقتصادية والقيام بما أمكن من إجراءات متاحة في هذا الخصوص، لكن قد يرجع ذلك إلى عدم وجود قيادة موحدة، وغياب القيادة الرشيدة أيضاً، فعلى سبيل المثال لم يتم حتى الآن إجراء أي مراجعة لحسابات البنك المركزي اليمني منذ نقله إلى عدن في سبتمبر/ أيلول 2016 وإلى اليوم ليس هناك أي تقارير مراجعة.
كما يبرز بقوة طرح آخر في هذا الصدد يرتبط بالتحركات والمشاورات الدائرة بين جميع الأطراف ومن ضمنهم الحوثيون، وظهور بعض المقترحات التي تدعو إلى عدم الاستعجال في تخصيص هذه المنح والتمويلات وانتظار ما ستسفر عنه هذه المفاوضات والمشاورات في التوصل إلى صيغة لاتفاق أوسع يشمل الحوثيين.
ويعرب الخبير الاقتصادي مطهر العباسي، نائب وزير التخطيط والتعاون الدولي السابق في الحكومة اليمنية، عن استغرابه من عدم إتاحة الوديعة المالية المعلن عنها منذ نحو ستة أشهر بعكس الوديعة السابقة التي جرى تقديمها في نهاية العام 2018، مشيرا في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن ما يحدث حالياً من ربط الوديعة الجديدة بالإصلاحات الاقتصادية لا يسعف البلاد، إذ ستأخذ الإصلاحات وقتاً طويلاً وسيكون ذلك على حساب تدهور الاقتصاد الوطني والأوضاع المعيشية لليمنيين وزيادة التضخم وارتفاع أسعار السلع الغذائية.
ويلفت العباسي إلى أنه بجانب الإصلاحات الاقتصادية لا بد من تمكين الحكومة من جميع الموارد المتاحة من جمارك وضرائب وإيرادات الموانئ وعوائد النفط، مؤكدا أن التطورات السياسية المتلاحقة في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً أثرت على ما يجري إعداده وتنفيذه من إصلاحات على المستوى المالي والمؤسسي والمصرفي وتأزيم الأوضاع واهتزاز الثقة في الاقتصاد.
ويشدد العباسي على ضرورة تركيز الحكومة على ملف الغاز المسال باعتباره قضية وطنية وحقوقا سيادية لا يجب التفريط فيها ومراجعة التسعيرة السابقة المحددة في العقود المبرمة من الشركات المستثمرة كجزء من الإصلاحات التي تقوم بها، إذ إن إتاحة هذه الموارد والاستفادة من عوائدها ستدر على الحكومة مبالغ كبيرة من العملة الصعبة التي يحتاجها البنك المركزي لتدبير احتياجات البلاد خاصة ما يتعلق بتمويل استيراد السلع الأساسية