بعبع الحوثية وسلاح النفط !!
محمد علي محسن
فريق الخبراء في تقريره إلى مجلس الأمن ، صور الجماعة الحوثية وكأنها دولة مارقة لديها كل القدرات العسك...
الوداع سفينة بلا شراع، ألا ليت الزمان يعود ومن عايشناهم باقين للأبد ولكن مهما مضينا من سنين سيبقى الموت هو الأنين ،وستبقى الذكريات قاموس تتردد عليه لمسات الوداع والفراق، والموت هو البقاء..
لَكِـنَّ مَــــــوْتَ المُجِــــيـدِ الــــفَـذِّ يَبْـدَأهُ
وِلادَةً مِـنْ صِـبَاهَـا تَرْضَـعُ الحِقَـبُ
هكذا صاغها شاعر اليمن البرودني، وكأنه يخبرنا أن فقيدا بحجم الهامة السامقة أحمد محمود العربي شكل برحيله ميلادا جديدا، بما ترك لنا من مآثر خالدة لن تنمحي من ذاكرتنا جيلا بعد جيل ..
نعم كانت وفاته قاصمة الظهر، كيوم محزن وقاس ومبكي لكل من عرفه عن قرب ، نعم سيبكي على هذا "العربي" الفذ كل من عرف قيمته وشخصيته ومكانته الإجتماعية والنضالية والإنسانية ،وسيدرك أننا أمام خسارة كبيرة لا تعوض في هذه المرحلة الكالحة بالسواد ..
لم يأتي هذا الإجماع حول شخصية الفقيد أحمدمحمودالقيسي من فراغ، فهو المقاوم والسياسي والمصلح الإجتماعي، والرجل الصادق النقي، تقلد مناصب عدة في حياته ،كان آخرها مديرا عاما لمديرية الحصين نجح في إدارتها بإقتدار وظل محبوبا يشار إليه بالبنان، لولا أن تم عزله وإقصائه في ذروة عطائه الخدمي والسياسي والنضالي معا، معتبرين نجاحه وحب الناس له محاكمة لهم في مرحلة كان الأولى تكريمه والإقتداء بنجاحه الإداري في عمله لا العكس .
كان العميد احمدمحمود كريما سموحا صادقا شهما يصدح بكلمة الحق ولايخاف مهما كانت المبررات فهو الهامة الأزرقية التي دائما ماتكون في الواجهة دوما، كان صعب المراس لاينساق دون دراية قبل أن يصدح برأيه عند كل حدث ومنعطف،الأمر الذي جعله في خانة النسيان دهرا ..
لم يك الفقيد مجرد صديق فحسب بل كان بمثابة الأب والقائد الملهم والرجل الحصيف، تشرفت بصداقته عن قرب لم نفترق لخمس سنوات بحلوها ومرها، منذ2015 - إلى ان وافاه الأجل بشهر أكتوبر 2020م رحمه الله تعالى ، كان مجلسه وبيته قبلة للزوار والاساتذة والمقاومين وأصحاب الرأي إضافة للمتخاصمين الذين يأمون منزل الفقيد باحثين عن حلول لمشاكلهم وخصوماتهم وقضاياهم و- ماأكثرها - حتى أصبح منزله كمحكمة مفوضة بإصدار الأحكام إعتادها الجميع في ظل فراغ قضائي مخيف شهدته الضالع منذ تحريرها، ليحقق بذلك نجاحا كبيرا ويفصل في كثير من القضايا بما فيها الجنائية والاسرية والتقطاعات التي برزت للواجهة في السنوات الأخيرة ، فكان تلفونه لايصمت وبالذات ممن يتعرض للإبتزاز أو الإعتداء في الخط العام أو في الطرقات الفرعية من المسافرين من خارج الضالع بعدما رأوا فيه الملاذ الآمن في ظل تواري الدولة والمقاومة عن واجباتها خلال أكثر من خمس سنوات تقريبا ،إضافة لذلك فمنزله ومجلسه"الإستراحة" صار كمنتدى أدبي وسياسي كجزء من صناعة رأي عام ، تلتقي فيه نخب من مختلف الشرائح والتوجهات بالمحافظة والمديريات.
كان عسكري من الطراز الفريد وسياسيا مخضرما ومدنيا في تناولاته وديمقراطيا في نقاشاته وتقبله للرأي والرأي الآخر ، وحزبيا بعيدا عن الغلو والتخندق والنزق النضالي الذي عرف به غيره، بل كان يقبل الجميع وخدوما مع الكل، ولهذا كون صداقات كبيرة خارج مواقفه الحزبية معتبرا الحزبية وسيلة وليست غاية بحد ذاتها رحمه الله تعالى ..
للفقيد مواقف إنسانية جمة، فهو الحاضر في الأفراح والأتراح لم يبخل على أحد بمشاركته وحضوره ، مهنيا ومعزيا ومدافعا عن كل مظلوم، متجاوزا مصطلح الجغرافيا والمناطقية والشعوبية، أتذكر في منتصف 2016م عندما حاول أحد "المهوسيين" الأعتداء على منزل أسرة في نفس المربع السكاني القريب حيث تكرر إطلاق النار ورمي قنابل صوتية في أوقات متأخرة من ليالي الشتاء الباردة ، ليخرج الفقيد برفقة نجله "عمرو" متوشحين سلاحهما ليحرسا المنزل ،دون منا ولا أذى ودون حتى يخبرا أحد بصنيعهما الإنساني النبيل حدث "شهدته بنفسي وكنت مطلع على تفاصيله لعدة أيام حتى تم حل القضية من قبل سلطات أمن المحافظة حينها.
لن نبالغ إذا قلنا أننا فقدنا برحيله علما ونبراسا وقائدا فريدا ستضل صنائعه وأدواره القيادية والإنسانية والاجتماعية خالدة كمدرسة أخلاقية بما فيها من قيم مثلى شاهدة على أثر رجل عظيم لن يتجاوزها النسيان ولن تلغيها تتابع السنين..
عزائنا أنك أيها "العربي "رحلت شامخا محبوبا وصادقا، مرفوع الرآس، لم تتمترس خلف شعارات براقة ولم تمن على أحد بما قدمت، ومهما كتبنا فحروفنا لن توفيك حقك، لكن لايسعنا إلا أن نقول رحم الله روحا عاشت حية فيما بيننا وستضل حية بكل مناقبها ومآثرها المنحوتة في ضمير كل من عرف الفقيد الراحل احمدمحمود العربي ..
ودعا لتلك الضحكة المجلجلة والسجالات المنعشة والممازحات المرحة التي لاتنسى ولكنه الحق الذي ليس لنا عليه إعتراض وداعا ياصديقي العزيز أبى عساف.
نسأل الله أن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة ويسكنك فسيح جناته ، إنه سميع مجيب.