إلى دجاجِلة الجالية اليمنية في ولاية ميشيغان
مهيب نصر
إن التديُّن الفارغ في ولاية ميشيغان يقود الجالية اليمنية إلى هدم الضروريات الخمس التي أتى الإسلام لل...
أذكر أنَّ المحافظ عبد الواحد الربيعي ، اطال الله في عمره ، التقى بنا عام ٢٠٠٤م ، وبينما كان مسترسلا بحديثه عمَّا يود من وسائل الإعلام نقله من إنجازات تنموية ؛ فإذا بانطفأ الكهرباء في ذينك المساء ، وسط ضحكة لفيف من الزملاء الإعلاميين الحاضرين الأمسية .
كان المحافظ صاحب نكتة عفوية ، إذ علَّق حيال انطفاء الكهرباء ضاحكًا : مشاريع بالغدرة " ، وفي صباح اليوم التالي كتبت مقالا في صحيفة " الأيام " اوسمته ب" مشاريع بالغُدرة " .
البارحة تواصلت معي قناة فضائية يمنية ، أرادت أن أشارك في حلقة قالت إنها خصَّصتها لملحمة ثورة ١٤ أكتوبر قبل ٦١ عاما ، طبعا أعتذرت وبكل لياقة وأدب .
الحقيقة كان بودي المشاركة ، ولكن في ظروف أفضل من هذه الحالة المحبطة للغاية ، لقد رفضنا الاحتفاء في مثل هذه المظاهر الزائفة المدفوع ثمنها من خبز الجياع ودواء المُعسرين ، وفي وقت كان حال النَّاس أحسن بكثير ممَّا هم عليه الآن .
فماذا عساني أقول عن مناسبة وطنية وغالية وفي وقت يبعث على الشفقة والحزن ؟ يكفي أنَّ الواحد منَّا بالكاد يظفر بساعة إضاءة من خمس أو ست ساعات ، واحيانًا الليلة واليوم تمضيان بلا نور الكهرباء .
السؤال الأكثر إيلامًا : كيف لمن زايدوا بوطنيتهم ونزاهتهم وثوريتهم فعل ذات المظاهر الكاذبة والخادعة التي طالما عارضوها وعدُّوها نوع من الإفلاس ، وهروبًا من معالجة قضايا حياتية أكثر قيمة وأهمية ؟ .
نعم كيف لهؤلاء الاستمرار في ذات النهج القديم الجديد ، وكأنَّك يا بو زيد لا سرت ولا جيت ؟ وهل من اللائق والنزاهة والثورية الأحتفاء بالمناسبة بجلب طلاب وطالبات المدارس وكليات الجامعات والمعاهد ؟ .
أين ذهبت الجماهير الغفيرة ؟ ولماذا اختفت من الساحات والقاعات لهذا الحد الذي لم يبق لهم غير إجبار الطلاب والمعلمين والموظفين ؟ . وكيف لهم الإنفاق على مظاهر زائفة لم تنفع من سادوا قبلهم أو سيأتون بعدهم ؟ .
كيف لهم الأحتفاء وديارنا يكسوها الوجوم ، والوجوه عابسة متعبة ، والبطون خاوية من وجبة غذاء هنيئة ؟ كيف يمكن للإنسان أن يرقص على أوجاع وأنين أهله وناسه وجيرانه ؟.
افهموا يا قوم ، النَّاس منهكة ، جائعة ، مذعورة ، وتقارير المؤسسات الدولية الحقوقية والإنسانية تؤكد أن غالبية اليمنيين يعانون من مجاعة ، وسوء تغذية ، وإنعدام أمن غذائي ، وأمراض سارية تفتك بأطفالهم وشيوخهم ونسائهم . وهذه الأسقام نتاج أوبئة انتهت نهائيًا في دول العالم ، بل ومن قاموس منظمة الصحة العالمية واليونسيف .
فلا منشأة صحية حكومية متوافرة وتقوم ولو بنصف أو ربع واجبها ، أو أنَّ التعليم يؤدي رسالته نتيجة للحالة النفسية والمعيشية للمعلِّم والإدارة ، أو أنَّ الأسعار مستقرِّة بسبب نزيف العملة الوطنية ، أو أنَّ الحرب توقفت ، أو أنَّها على وشك التوقف .
من حقنا جميعًا أن نبتهج باعيادنا ، وبأشياء تسعد النَّاس ، لكن الواقع سيء ومرير ، ولا يليق بعظمة المناسبة ، فما نراه في حياتنا اليومية يُدمي القلب ، ويحزن العين ، ويفطر الضمير ؛ فكيف للعوام الفرح والسرور وهم ليس لهم نصيب من فرحة الثورة المحتفى بها رسميًا ؟!.