مجتمع مدني
قراءة تحليلية لاتفاق أردوغان وبوتين حول إدلب السورية.
قرأ محللون أتراك، الاتفاق الجديد بشأن إدلب مع روسيا، بعد توتر كبير شهدته المنطقة، وصل إلى تهديد حقيقي للعلاقات بين أنقرة وموسكو، مشيرين في الوقت ذاته إلى توقعاتهم بشأن تطبيقه والمخاوف التي تحيط به.
وقال الكاتب التركي، سيدات أرغين، إن الاتفاق جاء في الوقت الذي انهار فيه اتفاق سوتشي بشكل كبير، بعد المكاسب التي حققتها قوات النظام السوري منذ أيار/ مايو الماضي، وبدعم من القوات الجوية الروسية.
الطريق الدولي "أم5"
وأشار في مقال له على صحيفة "حرييت"، وترجمته "عربي21"، إلى أن الاتفاق جرى بوضعية جديدة
بإدلب، إذ إنه ليس من السهل العودة إلى الحدود الجغرافية الحقيقية لاتفاق سوتشي،
وخاصة بما يخص محور الطريق السريع "أم5"، وشرقه.
وأضاف أن الوضع الجديد
تضمن النظام الجديد الذي أسسته تركيا بشكل فعلي، من خلال التعزيزات العسكرية
الضخمة منذ مطلع شباط/ فبراير الماضي، عبر مناطق تمركزها في غرب طريق
"أم"، وشمال "أم4".
وأوضح أنه كان لتركيا
وضعية جديدة في الجزء الشرقي والجنوبي من إدلب بعد الاشتباكات الواسعة بجانب
المعارضة السورية، على طريق "أم4، والجانب الغربي من "أم5".
الممر الآمن
ولفت إلى أن أهم آلية
أوجدها الاتفاق هو "الممر الآمن" الذي سيتم إنشاؤه على الطريق السريع
"أم4"، ويمتد 55 كيلومترا من غرب سراقب باتجاه اللاذقية.
وأشار إلى أن الممر
يمتد بعمق 6 كيلومترات على جانبي الطريق السريع "أم4"،
وعلى الرغم من عدم وضوح آلية هذا البند، فإنه يمكن تخمين أن الأسلحة الثقيلة التي
تقع على عمق إجمالي يبلغ 12 كيلومترا، سيتم سحبها من هذا الخط.
هل ينسحب النظام السوري؟
وحول إمكانية انسحاب
النظام السوري من الطريق الدولي "أم4"، أشار الكاتب التركي، إلى أن
الجانبين التركي والروسي، سيتوليان أمن هذا الطريق، على غرار الوضع في شرق الفرات
بينهما.
وأوضح أنه على غرار هذا
الوضع، فإنه قد يستخدم النظام السوري المسار المرسوم في "أم4"، لأغراض
مدنية، وعليه سيتم ربط حلب باللاذقية حتى ساحل البحر الأبيض المتوسط، ولكن في
الوقت ذاته لن يستطيع النظام التقدم نحو جنوب الطريق السريع.
مصير مركز إدلب
وحول مصير مركز مدينة
إدلب التي تقع على بعد 6- 7 كم من الطريق السريع "أم4"،
أضاف أن الاتفاق يشير إلى أنها ستبقى تحت سيطرة المعارضة. وعليه، فإنه يتعين على
النظام أن يعلق نواياه للسيطرة عليها.
التعامل مع هيئة تحرير الشام يضعف
الاتفاق
أما حول هيئة تحرير
الشام، لفت الكاتب إلى أن بوتين ركز على المنظمات الإرهابية في تصريحاته، وفي
الفقرة الرابعة من البروتوكول الإضافي، أكدت العزم على مكافحة الإرهاب بكل مظاهره
والقضاء على المجموعات التي يصفها مجلس الأمن الدولي بالإرهابية.
وأضاف أن هيئة تحرير
الشام تسيطر على مناطق واسعة في شمال"أم4"، وهذا يعني أن روسيا تحتفظ
بحق محاربتها في المنطقة التي تسيطر عليها القوات التركية، وعليه فإنها ستكون نقطة
تضعف تطبيق الاتفاق.
وأشار إلى أن الاتفاق
نص مجددا على مسؤولية تركيا في مكافحة هيئة تحرير الشام، وعليه فإن المطلوب منها
مكافحتها وكبح جماحها، ويعد ذلك من أهم المسائل الخطيرة والهشة لمستقبل الاتفاق.
من جهته قال الجنرال
التركي المتقاعد، إن أهم ما سطره الاتفاق، هو منع الصراع المتدحرج بين روسيا
وتركيا.
إرجاء الصراع مؤقتا
ورأى في حوار مع صحيفة "جمهورييت"، وترجمته "عربي21"، أن الاتفاق أرجأ الصراع مع النظام
السوري في إدلب، لـ "فترة قصيرة"، لأن الأطراف أكدت
أنها لها الحق في الدفاع عن نفسها في حال تعرضها لأي هجوم، في منطقة يتجول فيها
المحرضون.
وأشار إلى أن اتفاق وقف
إطلاق النار، يقسم إدلب إلى قسمين، 6 كيلومترات إلى الجنوب، وأخرى مثلها إلى
الشمال من الطريق السريع "أم4"، الذي يكتسب أهمية استراتيجية بين
اللاذقية وحلب.
صعوبة إنشاء ممر آمن
ورأى أنه من الصعب
إنشاء منطقة آمنة في هذه المنطقة، وقد يستغرق الأمر طويلا، مع وجود بعض الاشتباكات
هنا وهناك بسبب وجود بعض المنظمات، التي تصنفها الأمم المتحدة بالإرهابية"
بالقرب منها.
وأضاف أن هناك مسألة
مهمة في الاتفاق، وهو وقف إطلاق النار على الوضع القائم، ووقف جميع وسائل النقل
البرية والجميع، (أي إن الجميع يبقى في مكانه الجديد)، وعليه فإن فوات النظام
السوري لن تتراجع وفق اتفاق سوتشي 2018، وستبقى القوات التركية التي
عززتها بإدلب في مكانها.
لن يستمر طويلا.. ما علاقة الولايات
المتحدة؟
وشدد على أن اتفاق وقف
إطلاق النار الجديد، لن يستمر طويلا، بسبب تأكيد الرئيس الروسي حق بلاده في مكافحة
المنظمات الإرهابية، في إشارة إلى هيئة تحرير الشام في المنطقة التي لا تخضع
لسيطرتها.
ولفت إلى أن الولايات
المتحدة لا تحبذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى، لذلك من المتوقع أن تقوم برفع
هيئة تحرير الشام من قائمة المنظمات الإرهابية، كما فعلت مع الوحدات الكردية
المسلحة.