تقارير
شركات إماراتية تستحوذ على أهم القطاعات الاستثمارية في المحافظات الجنوبية.. هل بدأت مرحلة قبض ثمن المشاركة في الحرب!
استمرار المعركة الصاخبة بين رئيس الحكومة والبرلمان بشأن تمرير صفقة بيع بوابة الاتصالات الحكومية "عدن نت" لشركة NX الإماراتية التي يجادل البرلمان في عدم قانونيتها ويصرّ رئيس الوزراء على التبرير لجدوى المشروع، تتكشف على الهامش عدد من الشركات الإماراتية التي تستحوذ على قطاعات النفط والغاز والتعدين والاتصالات ووقود الكهرباء.
وفيما تَرَكّز الجدل سواء على المستوى الشعبي أو بين مؤسستي البرلمان والحكومة حول شركة NX الإماراتية للاتصالات، فإن تقرير اللجنة البرلمانية قد أضاء على مجموعة شركات إماراتية أخرى تحصل على الامتيازات والعقود بنفس الطريقة التي يصفها مراقبون بـ"السرية والملتوية" والتي تجري بها صفقة شركة الاتصالات.
وساعد على ذلك حالة الضعف داخل مجلس القيادة والحكومة نتيجة الحرب والانقسام بين مكونات الشرعية عموماً، وبحسب مصادر حكومية مطلعة تحدثت لـ"المصدر أونلاين" فقد مررت هذه الاتفاقيات بعيدا عن التوافق المفترض، وعن طريق زيارات سرية للوزراء الى دولة الإمارات وتوقيع الاتفاقات الأولية في أبوظبي؛ بموافقة مسبقة من رئيس المجلس الرئاسي د. رشاد العليمي، ورئيس الحكومة د. معين عبدالملك.
إضافة الى ذلك عُطلت الأجهزة المعنية بدراسة ومراقبة مثل هذه الصفقات، مثل هيئة المناقصات التي اتهم برلمانيون الحكومة بعرقلة تشكيلها، ومجلس النواب الذي يواجه منذ سنوات صعوبة في الالتئام داخل البلاد، نتيجة منع حلفاء الإمارات الذين يسيطرون على العاصمة المؤقتة لانعقاده.
على الأرض تستند الشركات على قوات المجلس الانتقالي والعمالقة التابعتين للإمارات، وهذا يفسر جانبا من إصرار أبوظبي على دعم التوسع العسكري لهذه الكيانات المسلحة باسم استعادة دولة "الجنوب"، بينما هي في جزء كبير من مهمتها مجرد غطاء للمخططات الإماراتية في محافظات جنوب البلاد، سواء في الجانب الاقتصادي او التمركز الاستراتيجي طويل الأمد في إطار المنافسة مع المملكة العربية السعودية.
اتفاقيات مررت بعيداً عن التوافق
اتفاقيات مررت بعيداً عن التوافق
ومنذ العام ٢٠١٧ تحولت أولويات دولة الإمارات والتي تدخلت ضمن التحالف الذي تقوده السعودية بحجة مواجهة الحوثيين، تحولت من مواصلة المعركة ضد الميليشيا الى ترسيخ النفوذ في المحافظات المحررة وبناء تشكيلات مسلحة تابعة لها وتحمي أجندتها، بينما استمرت في خوض معارك نوعية ضد الحوثيين في الساحل الغربي عام ٢٠١٨، وفي مديريات بيحان بشبوة عام ٢٠٢١، لتعزيز موقفها والكيانات التابعة لها وترسيخ أقدامها جنوبا.
وقد سارعت القوات المدعومة من الإمارات لتأييد صفقة الاتصالات الأخيرة بعد الانتقادات التي وجهت لها من قبل لجنة التقصي البرلمانية وعضو مجلس القيادة الرئاسي عثمان مجلي ووزير الداخلية إبراهيم حيدان، وذلك عبر تصريحات لقادتها أعلنوا تأييدهم لها بحجة ضرورة سحب الاتصالات من أيدي ميليشيا الحوثي في صنعاء.
ومنذ تشكيل مجلس القيادة قبل نحو عام ونصف، حصلت الإمارات على اتفاقيات وامتيازات عديدة بحسب المصادر الحكومية، مستغلة تشاركها في النفوذ بالمجلس الرئاسي، خاصة بعد ما كان هادي يرفض بشكل صارم تحركاتها وخططها جنوبا باعتبارها تقوض سلطة الدولة وتزعزع استقرار حكومته على حساب المعركة مع الحوثيين.
وأول اتفاقية حصلت عليها الإمارات وأبرز الاتفاقيات على الإطلاق، كانت الاتفاقية الأمنية والعسكرية التي وقعها وزير الدفاع الفريق محسن الداعري بعد تعيينه في أواخر يوليو من العام 2022، خلفا لوزير الدفاع السابق الفريق محمد المقدشي، وحصلت الإمارات بموجبها على شرعنة لوجودها العسكري والأمني كندٍّ في مقابل السعودية التي تقود تحالف دعم الشرعية وتتفرد بالنفوذ الأكبر في البلاد لعقود طويلة، وعلى مناطق الشرعية بعد انقلاب الحوثيين عام ٢٠١٤.
وبحسب المصادر الحكومية التي أفادت "المصدر أونلاين"، فان الاتفاقية الأمنية التي وقعها وزيري الدفاع والشؤون القانونية في ديسمبر من العام الماضي، تخول الإمارات بالتدخل لحماية مصالحها، ما يعني أن الشركات الإماراتية التي تسابق الزمن للسيطرة على الاستثمارات المختلفة، ومنها NX للاتصالات، ستفرض بالقوة بعد تمريرها بتجاوز البرلمان كما يبدو حتى الآن.
توقيع اتفاقية أمنية عسكرية بين وزارة الدفاع اليمنية والحكومة الإماراتية
توقيع اتفاقية أمنية عسكرية بين وزارة الدفاع اليمنية والحكومة الإماراتية
بينما تتوزع الاتفاقيات المعلنة الأخرى لتشمل قطاعات مختلفة تغولت فيها الشركات الإماراتية، عبر عقود استثمار غير واضحة البنود غالباً، وأبرز هذه الشركات بحسب ما رصده محرر المادة:
- شركة مليح للاستثمارات وتطوير المشاريع
المشروع: إنشاء وتحويل وتشغيل وامتلاك مصفاة تكرير النفط الخام واستخلاص المشتقات النفطية.
الموقع: منطقة الضبة بمحافظة حضرموت.
وقد أبرم الاتفاقية مع الشركة الإماراتية وزير النفط التابع للمجلس الانتقالي سعيد الشماسي، وذلك بعد أشهر على تعيينه في منصبة خلال التغيير الوزاري في يوليو 2022، عقب تشكيل مجلس القيادة.
وستعمل المصفاة بقدرة إجمالية يومية تقدر بـ (٢٥،٠٠٠) ألف برميل بالمرحلة الأولى، إضافة إلى صهاريج تخزين كافية ومنطقة صناعية لربط البواخر بخط بحرى Spm للأنشطة الإنتاجية والخدمية المرتبطة بها، بالإضافة الي منطقة صناعة حرة في نفس منطقة المشروع.
- شركة "باسكو انيرجي"
المشروع: إنشاء وتشغيل وحدة إنتاج غاز منزلي بقطاع (۱۰).
الموقع: حوض المسيلة، في محافظة حضرموت.
المشروع جرى التوقيع عليه في أبوظبي بحضور محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي من قبل وزير الشؤون القانونية أحمد عرمان، في الـ22 من فبراير الماضي، ضمن ثلاثة مشاريع استراتيجية في مجال النفط والكهرباء والغاز، وقعت من قبل وزير الكهرباء والطاقة مانع بن يمين، والنفط سعيد الشماسي، وتنفذها جميعا "شركات متخصصة في دولة الإمارات"، وفقا لوكالة سبأ الرسمية.
ودشن نشطاء تابعون للمجلس الانتقالي الجنوبي بالتزامن مع الإعلان عن المشاريع الثلاثة، حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تشيد بـ"دور القطاع الخاص في دولة الإمارات الذي بات يولي مشاريع التنمية في الجنوب (اليمني) اهتماماً كبيراً بما يعود بالفائدة على شعب الجنوب".
وكشفت مصادر حكومية لـ"المصدر أونلاين" أن وزير الكهرباء منح ذات الشركة "باسكو انيرجي" عقدا لتوريد المشتقات النفطية لمحطات الكهرباء في عدن وبسعر أعلى من سعر السوق، ما كبد الخزينة العامة للدولة، مبلغ قدره (۱٥۰) مليون دولار خلال العام ٢٠٢٢م، ذهبت كأرباح لصالح الشركة الإماراتية، وهو ما أكده تقرير لجنة تقصي الحقائق البرلمانية.
- شركة NX للاتصالات
المشروع: إنشاء شركة اتصالات مشتركة لتقديم خدمات اتصالات الهاتف النقال والإنترنت في اليمن، تضمنت الاتفاقية الموافقة على منح ترخيص تقديم خدمات الهاتف النقال، وتشغيل وترخيص الطيف الترددي، بحسب وكالة سبأ الرسمية.
الموقع: عدن، ويمتد إلى كل المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة.
ووفقا للمعلومات المنشورة على الموقع الخاص بها فإن شركة "NX"، أو "NX Digital Technology"، والتي يختصر اسمها إلى NXDT، شركة إماراتية تأسست عام 2015، مقرها أبوظبي، ومديرها التنفيذي الدكتور عبد الله النعيمي، وتصف نفسها بأنَّها "من الشركات الرائدة في مجال توفير خدمات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والاتصالات في الشرق الأوسط".
- شركة أجهام/ ثاني دبي للتعدين
المشروع: إنشاء ميناء قشن المخصص للنشاط التعديني.
الموقع: محافظة المهرة
وقد منحت الشركة في يوليو 2021، إنشاء وإدارة الميناء البحري بنظام "بي او تي"، الذي يعني أن الشركة صاحبة الامتياز ستقوم بتمويل المشروع ثم تشغيله واستغلاله تجاريا لمدة زمنية محددة، قبل إعادته إلى الدولة.
وتعمل "أجهام" التي تسوق نفسها كشركة لمستثمرين يمنيين مقيمون في دولة الإمارات، بالباطن لصالح شركة "ثاني دبي للتعدين" والتي انتهى عقد سابق لها عام 2010، بحسب مصدر حكومي رفيع.
وكان تقرير سابق للجنة التقصي البرلمانية التي تشكلت بخصوص هذه الاتفاقية، صدر مطلع شهر فبراير الماضي، قال إن اللجنة طلبت من رئيس الوزراء معين عبدالملك نسخة من الاتفاقية بخصوص الميناء ولم تتلق أي رد منه. وتضمن التقرير ذاته عدة ملاحظات أبرزها مدة الاتفاقية التي حددت بـ 50 عاماً، فيما أوصت اللجنة البرلمانية بأن تكون 30 عاماً وفقاً لقانون الموانئ البحرية رقم 23 لعام 2013.
وكشفت اللجنة البرلمانية ذاتها عن منح هيئة المساحة الجيولوجية اليمنية الشركة الإماراتية "أجهام" ترخيص استخراج الحجر الجيري في مديرية قشن لمدة 10 سنوات، إلى جانب الميناء.
- شركة "ديكسم باور"
المشروع: تشغيل الكهرباء
الموقع: أرخبيل سقطرى
تعمل في تشغيل الكهرباء بالأرخبيل منذ سنوات دون اتفاقية معلنة، وسط اتهامات للشركة بالاستيلاء على مقدرات شركة الكهرباء الحكومية والتي اختفت تقريبا بشكل كامل، وتحويلها لصالحها.
ووفقا لمصادر سقطرية، تسيطر مؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية والهلال الأحمر الإماراتي تقريبا على كل المؤسسات الخدمية، بما فيها استيراد المشتقات النفطية والغاز المنزلي، وتتحكم بالسياحة، وتدير المطار الدولي الوحيد، كما تسيطر على الميناء الرئيسي، وأبرز الشركات العاملة هناك:
- شركة برايم
المشروع: مركز الإنزال السمكي
- عدة شركات إماراتية
المشروع: تنظيم رحلات سياحية مباشرة من أبوظبي إلى الأرخبيل